في تسعينات وربما ثمانينات القرن الماضي اجتمعت على مجتمعنا السوري نعمٌ كثيرة لست بصدد ذكرها وإنما في الحديث عن آثارها
إذ كان الرجل رجل يتولى شؤون بيته من ألف إلى ياء. ليس لأحد أن يملي عليه ما يجب أن يقوم به فيما يتعلق بأمور بيته.
والمرأة امرأة تحفظ بيتها وتتولى تعليم أطفالها من طلوع شمس اليوم المدرسي إلى غروب شمس الواجبات المنزلية. تخيط وتطهو وتغسل
الرزق وفير أو يكفي لا عوز ولا حاجة
النوم قرير
حتى شمس الصيف لم تكن تقسو علينا كما اليوم
الشتاء كان لا يتوقف عن المطر. يغمرنا بأمطاره وخيراته.
لم يكن للرجل بعد أن يفرغ من عمله أحب وأطيب من شربةُ ماء وكوب شاي وراديو يحكي له أخبار بلاده أو موسيقا تصله بوصلة لصباح أو فهد أو وديع الصافي
كان اليوم طويلاً إلى حد الملل
أجل كنا نمل ونقول متى ينتهي هذا اليوم
كانت الساعة بيوم من أيامنا هذه
كان اليوم بأسبوع من أسابيعنا هذه
والأسبوع بشهر من أشهرنا هذه
والشهر بعام ولكل عامٍ بركته
من أجمل ما كنا فيه هو جمعاتنا ولقاءاتنا وسهراتنا وأحاديث نتشوق لسماعها.
وخير جليس في الأنام كان كتاب
كان للأدب مكانة وللعلم كيان يعظم في عيون الناس
للعالم والشيخ والأستاذ احترام من نوع خاص إذ يبجله وينحني لأهله العامة والخاصة / فيكف الحال الآن؟
الممثل (المشخصاتي) يخشى على نفسه من مشهد معيب حتى لا يسقط ويمحى ذكره /فكيف الحال الآن؟
أما المغنية التي تتلفظ بمعيب الكلام فليس لأشرطتها حظ من بيوت أهل الجود /فكيف حال شبابنا الآن؟
لم يكن للمجتهد عيوب إذ يغطيها علمه وأدبه وخلقه / وكم يهان الآن؟
ولم يكن للرزيل المسيء ماء وجه يمشي بها في الشوارع والأحياء إذ يعلم أن الأصابع تتجه إليه أدنى ما يقولون قبح الله وجهه/ فيال حظه الآن؟
كان لكلام الله رهبة وللمساجد سكينتها وإذا ذكر اسم الله سكنت القلوب / فقل لي حبيبي القارئ متى كانت آخر مرة فتحت فيها كتاب الله أو دخلت فيها مسجداً؟
ما إن فتنتنا الدنيا بفتنة المال والمنصب والمكانة الاجتماعية حتى تحولت البوصلة وصارت النظرة طبقية والمجتمع شرائح دنيوية كل شريحة تصنف بحسب غناها ووصولها
وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور
كنا باختصار أعزاء بالله وبدينه. يتبعنا المال لا نتبعه وتغمرنا السعادة كيفما اتجهنا
نحترم الصحبة والقرابة لا نخادع ولا نكذب ولا تهون علينا عِشرة
نعبد الله نخشاه ونطيعه ونذكره في كل آن
نؤدي حقه علينا من صلاة وصوم ونعظم شعائره إذ كان الحج إلى بيت الله صادقاً ليس فيه صور ومراء وتبجح. تبكي العيون إذا ما لمست الأكف جدار الكعبة ويحتار القلب كيف يدعو وماذا يقول في حضرة بيت الله. لا يمن الحاج على الله أنه جاء كما اليوم إلا من رحم ربي.
وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
نحن من أفسد على أنفسنا ما كنا فيه
بقلم أحمد خالد الحمزة
سردٌ جميل ووصف دقيق لحال مجتمعنا الحالي ، نسأل الله ان يغير حالنا الى أحسن حال ..
اللهم آمين
شكراً لمرورك أبو عبده الغالي
😍 أحببته بشدة
ليتنا نعود كما كنا عليه لكن نحمد الله على ما نحن عليه الآن.
اللهم احسن خاتمتنا 🙏
اللهم آمين
سلمكي الله و حفظ عائلتك الجميلة أم سام الغالية
صحيح جدا و أنا أشعر بهذا بشكل صارخ، لم يعد في الوقت بركة و لا في المال بركة و لا طعم للطعام و لا متعة في أي شيء بل أرى كل شيء متعبا، حتى النوم أستيقظ منه و كأنني لم أنم …. و لا شعورا حقيقيا بالأمان… كل بلد أذهب إليه هو محطة و لا أعلم أين المستقر و لكن ما انا متأكد منه أن المستقر الحقيقي هو حفرة و لكن بأي أرض وحده الله يعلم.
شكرا على تعليقك
صحيح كلامك و هذا ما نشعر به جميعا