قال سفيان الثوري رحمه الله: “نظرت في سبب الشر في العالم فوجدته في اصطنع المعروف إلى اللئام”. هذه المقولة تلخص جوهر المشكلة التي يمكن أن تتسبب في الكثير من المتاعب والمآسي الاجتماعية. في هذا المقال، سنتناول الأسباب والعواقب الناتجة عن تقديم المعروف إلى الأشخاص اللئام، مدعومًا بتجارب حياتية وشهادات شخصية.
تحليل المقولة
يشير سفيان الثوري إلى أن تقديم المعروف إلى الأشخاص اللئام هو جذر الكثير من الشرور في العالم. فاللئيم لا يرى المعروف كعمل خير يجب تقديره والاعتراف بفضل من قام به، بل ينظر إليه كأداة لاستغلال الآخرين وتحقيق مصالحه الشخصية. من هنا، يتحول المعروف من فعل نبيل إلى سبب لنشوء العداوات والمشاكل.
التجربة الشخصية
شارك همام عرفه تجربته الشخصية مع اللئام، مشيرًا إلى أنه ارتكب خطأ تكرار التساهل معهم ومحاولة معاملتهم بحسن خلق. يقول همام: “أكبر خطأ هو أن تتساهل مع اللئيم وتعامله بحسن الخلق”. وأضاف أنه لا يدعو إلى ظلم اللئيم، بل إلى معاملته بالحق والعدل دون تقديم أي إحسان إضافي.
الأسباب والعواقب
- اللئيم والاستغلال: اللئيم يعتبر الإحسان إليه حقًا له عليك وواجبًا يجب أن تفي به. هذه النظرة الاستغلالية تجعل أي معروف تقدمه له بابًا لمزيد من الطلبات والاستغلال.
- فقدان التقدير: عندما يفقد اللئيم النعمة، ينقلب على المنعم ويبدأ في مهاجمته. هذا التصرف يعكس عدم الوفاء والجحود الذي يتصف به اللئيم، مما يؤدي إلى فقدان العلاقات الطيبة وتحولها إلى عداوات.
- الانعكاسات النفسية والاجتماعية: تقديم المعروف إلى اللئيم يتسبب في إحباط المتصدق والشعور بالندم على فعل الخير. هذا الشعور يمكن أن يؤدي إلى تراجع الناس عن أعمال الخير والإحسان، مما يؤثر سلبًا على المجتمع بشكل عام.
الخاتمة
التعامل مع اللئام يتطلب حكمة وحنكة. من الضروري أن نتعلم كيف نقدم المعروف لمن يستحقه ويقدر قيمته، وأن نبتعد عن اللئام الذين يرون في الإحسان فرصة للاستغلال. كما قال همام عرفه: “لئن أعيش مع كلب أحب إلى قلبي من مجالسة اللئيم والتعامل معه”. هذه الحكمة تعكس أهمية اختيار الأشخاص المناسبين لتقديم المعروف والإحسان، بما يضمن استدامة الخير وانتشاره في المجتمع.
الدعوة إلى التفكر
في الختام، علينا أن نتأمل في الآية الكريمة: “وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ” (القصص: 77). هذه الدعوة إلى الإحسان يجب أن تكون موجهة نحو الأشخاص الذين يقدرون هذا الفعل ويردونه بأفعال طيبة، مما يعزز من التماسك الاجتماعي وينشر الخير بين الناس.
